أصدرت 12 منظمة عراقية، اليوم الأربعاء، بياناً مشتركاً بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، تحدثت فيه عن التحديات التي يواجهها العراق جرّاء تغير المناخ، معتبرة أن الأزمة البيئية تسببت بتغيير ديمغرافي في مناطق جنوب العراق.
وذكرت المنظمات في البيان: “نراقب بقلق التحديات التي فرضتها التغيرات المناخية والأزمات البيئية على الوضع العراقي، ولعل التغيير الديمغرافي هو التحدي الأبرز مع نزوح وهجرة آلاف الأسر العراقية من مدن جنوب البلاد باتجاه مناطق أخرى، بالإضافة إلى نقص المياه الذي أثر بشكلٍ كبير على الزراعة، وارتفاع معدلات السرطانات ما يدعونا أن نقف بشكلٍ جاد تجاه الملف البيئي وتذكير الحكومة بإلتزاماتها مع بدء التحضير لمؤتمر موسع يضم الفعاليات الاجتماعية والنخب ونشطاء البيئة”.
وأكدت أن “العراق يعاني من تدهور المناخ، وبلغ حالات متطرفة بما فيها ارتفاع خطير في درجات الحرارة، وندرة المياه بما يهدد المستقبل، وأدى هذا التدهور إلى تلوث الهواء، حتى باتت بغداد ثاني أكثر العواصم تلوثا في العالم، كما نشدد على أن تلتزم الجهات المسؤولة لتقليل تلوث الهواء والضوضاء عن طريق خفض عدد المولدات واستخدام الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء وإصدار توجيهات إلى المعامل باستخدام أنواع الوقود التي تقلل التلوث، ناهيك عن وجود إزالة الألغام”.
وأشار البيان إلى أن “التنوع الإحيائي يلعب دوراً فعالاً في توفير الموارد الوراثية المختلفة للزراعة التي تعد مهمة للأساس الحيوي للأمن الغذائي العالمي ودعم الحياة البشرية، لكن هذا التنوع يتراجع، بسبب فقدان الموائل وتفتيتها وعزلها، ويمكن القول إن منطقة الأهوار فقدت أكثر من 90 بالمئة من مساحتها الأصلية بسبب سياسة تحويل المياه خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، كما أن زيادة كمية الغازات الدفيئة تمثل العامل الرئيس في حدوث ظاهرة الاحتباس أو الاحترار العالمي”.
“ويتعاظم التغيير الديمغرافي الحاصل في مناطق عدة في جنوب العراق، من جراء الهجرة والنزوح للأسر، والذي خلف تدهور اقتصادي وسكاني وقلة في الموارد الغذائية، ونخشى أن يقع العراق في مأساة إنسانية بيئية كبرى تحرك العراقيين من حقهم في الحياة الكريمة، لا سيما مع عدم معالجة أسباب التلويث ومن بينها المصانع والمعامل”، وفقاً للبيان.
ولفت إلى أن “من الضروري الانتباه لحماية مستقبل العراق وضمان رفاه الأجيال القادمة، وتبني سياسات وممارسات تهدف إلى الحفاظ على البيئة والحد من التلوث، وندرك جيداً أن الوصول إلى نتائج حقيقية في هذا الملف، يتطلب تعاونا بين الأفراد والمجتمعات والحكومة لتحقيق استدامة بيئية، كما أن الاستثمار في إعادة تأهيل المناطق المتضررة وتقليل الاعتماد على الصناعات الملوثة سيحمي صحة السكان ويساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة”.
ويواجه العراق أزمة مياه متفاقمة بسبب انخفاض مستويات الأنهار الرئيسة (دجلة والفرات) نتيجة للسدود التي أُنشئت في دول المنبع (تركيا وإيران)، حيث انخفضت مستويات المياه انخفاضاً ملحوظا، أدى إلى تحديات كبيرة في المناطق الريفية، وتؤشر منظمات المجتمع المدني الموقعة على هذا البيان، اخفاقاً واضحاً لدى المفاوض العراقي بالتواصل مع دول الجوار، ونعمل جاهدين على أن نكون جزءاً من الحل، بعد فسح المجال لنا بشكلٍ أكبر من قبل الحكومة العراقية.
ووقعت منظمات “مركز رؤية بغداد للإعلام والدراسات، والمركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، منظمة “آيسن” لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ومنظمة الغيدق للتنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية، ومركز نايا للتدريب الإعلامي، ومنظمة الطيبة للاغاثة والتنمية، وشبكة المحامين المتطوعين عن حرية التعبير، ومرصد العراق الأخضر، ومنظمة ألواح، ومنظمة “تشرين” لحقوق الإنسان، منظمة القلم الحر لتطوير الثقافة والإعلام، وفريق آفاق المناخ التطوعي
وكان نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني، قد أعلن، اليوم، عن “مبادرة لجميع القوى والفعاليات السياسية، والجهات المعنية في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، لعقد مؤتمر عن مخاطر البيئة في جميع مناطق العراق وكردستان، ومناقشة الأماكن التي تعاني التلوث في العراق”.
وذكر طالباني في مقالة نشرتها مواقع محلية، أنه “هذه الخطوة ستلزمنا بأن نعمل معاً لسنوات مقبلة، حتى نجني ثمار المشروع بالنجاة من كوارث بيئية تهدد العراق والعالم أجمع”.
ولفت إلى أنه “رغم إدراكنا منذ سنوات طويلة المخاطر المتوقعة لتغير المناخ، فإنَّ التقارير والدراسات المحلية والدولية تحذرنا كلَّ عام من كوارث كبرى لا يمكن إصلاحها. ومع ذلك، فإنَّ سياساتنا ونظام حكمنا في العراق وكردستان ما زالت غير مبالية بشكل كبير، وبدرجة تثير القلق والذعر”.
وأوضح أن “السلطات السياسية والحكومية ستبذل جهداً أكبر لو مارس المواطنون والمجتمع المدني ما يكفي من الضغط، لأنَّ المشكلة اليوم لم تعد تقتصر على الهجرة القسرية لعشرات الآلاف من الأسر في جنوب العراق ووسطه، والاتساع المخيف لرقعة التصحر، والانخفاض غير المسبوق للمياه السطحية والجوفية، بل تتفاقم إلى كوارث بيئية مستمرة دون اهتمام من أي جهة، وكأنها مصيبة تحدث في كوكب آخر، لا نعيش فيه”.